غزوة بني النضير من خلال ما ورد فيها من القرآن الكريم

MoOosTaFa: مشرف المتدى الرياضي; عدد المساهمات : 6514
الجنس :
العمر : 31
العمل : طالب
المزاج : qUItE

مساهمة رقم 1

غزوة بني النضير من خلال ما ورد فيها من القرآن الكريم

من طرف MoOosTaFa السبت يوليو 17, 2010 12:10 pm

بسم الله الرحمن الحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد

فقد أنزل الله في شأن هذه الغزوة سورة الحشر بأكملها، حتى سماها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بسورة بني النضير. 
وقد جاء في هذه السورة – مما يتعلق بالغزوة – وصف طرد اليهود، وفضح مسلك المنافقين، وبيان أحكام الفيء، والثناء على المهاجرين والأنصار، وبيان جواز القطع والحرق في أرض العدو للمصالح الحربية، وأن ذلك ليس من الفساد في الأرض . 
وقد وقعت هذه الغزوة المباركة في ربيع الأول سنة 4 للهجرة. 
وسببها: غدر اليهود، ومحاولتهم قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما جاءهم يريد المساعدة في دية الكلابيين ، - اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، وكان بنو النضير ملزمون بالمساعدة في ديتهم بحسب المعاهدة التي وقعها معهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عند قدومه المدينة - فقالوا: نفعل يا أبا القاسم، غير أنهم – بدلا من ذلك – خططوا لقتله بواسطة رحى يلقيها عليه أحدهم من فوق أحد البيوت التي كان يجلس في ظلها، ونزل جبريل يخبره بما خططوا له، فانصرف مسرعا إلي المدينة. 
وفي ذلك أنزل الله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فشكرافَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }
، فبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم بأن يخرجوا من المدينة، ولا يساكنوه فيها، وضرب لهم أجل عشرة أيام، فبدءوا يتجهزون للخروج، ولكن رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول، وجماعة من المنافقين بعثوا إليهم يقولون: {...لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ..} ، كما قص القرآن الكريم، فتشجعوا، وأرسلوا إلي النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولون: " إنا لا نخرج فاصنع ما بدا لك "، فكبر -صلى الله عليه وسلم- وكبر أصحابه، ثم نهض لمناجزتهم، وقام بفرض حصار عليهم، ولكنهم أقاموا في حصونهم يرمون بالنبل والحجارة، مستعينين بنخيلهم وبساتينهم في المقاومة وإطالة أمد الحصار؛ فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقطع نخيلهم وبساتينهم، وتحريقها، فقالوا: ما هذا الإفساد يا محمد، وأنت تنهي عن الفساد، فنزل القرآن رادا عليهم، ومبينا أن جميع ما جري من قطع أو إمساك كان بإذن الله. 
قال سبحانه وتعالي: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِين } . 
وقد دام هذا الحصار ست ليال فقط، لم يجد بنو النضير خلالها أي عون أو مساعدة ممن وعدوهم بذلك، وألقي الله الرعب في قلوبهم فقرروا الاستسلام، وإلقاء السلاح، وبعثوا إلي النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم يريدون الخروج من المدينة، فسمح لهم بذلك، علي أن لا يخرجوا معهم بأي سلاح، وإنما بأنفسهم وذراريهم، وما حملت الإبل من الأموال.
فخربوا بيوتهم بأيديهم، ليحملوا الأبواب والشبابيك، بل حتى حمل بعضهم الأوتاد وجذوع السقف، ثم حملوا النساء والصبيان، وتحملوا على ستمائة بعير، فترحل أكثرهم وأكابرهم كحيي بن أخطب وسلاَّم بن أبي الحُقَيق إلى خيبر، وذهبت طائفة منهم إلى الشام، وأسلم منهم رجلان فقط هما: يامِينُ بن عمرو وأبو سعد بن وهب، فأحرزا أموالهما .
وقد وصف القرآن الحالة النفسية التي كان عليها بنو النضير، وتحدث عن مآلهم السيئ الذي آلوا إليه، بعد أن كانوا يعولون علي حصونهم القوية، وعلي حلفائهم من المنافقين وبني قريظة، فقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار }.
وقال جل شأنه:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لشكرااذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} .
وقال سبحانه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فشكراانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ } 
وبعد خروج بني النضير من المدينة استولي النبي -صلى الله عليه وسلم- علي أرضهم وديارهم وأموالهم، وكانت خالصة له يضعها حيث يشاء، ولم تجر عليها أحكام الغنيمة، حيث إن أموال بني النضير لم يوجف عليها، ولا قوتلت كبير قتال، فأخذ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قوت عياله وقسم سائرها في المهاجرين، ولم يعط منها الأنصار شيئاً، غير أن أبا دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف شكيا عظيمة فأعطاهما، هذا قول جماعة من العلماء، وفي ذلك قول عمر بن الخطاب: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله عليه مما لم يوجف عليه المسلمون ب { خيل ولا ركاب } فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق منها على أهله نفقة سنة وما بقي منها جعله في السلاح والكراع عدة في سبيل الله . 
وقد نزل القرآن في شأن هذه الأموال التي تحصل عليها المسلمون من بني النضير؛ فبين أحكامها، وما يتعلق بها بقوله: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .


اللهم أعد للمسلمين قوتهم وهيبتهم ، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته