مولد الشهيد و نشأته:
ولد الشهيد عبدالله عزام في فلسطين ( سيلة الحارثية ) من اعمل مدينة جنين سنة 1941 م و قد درج على أرض القرية فشبّ و ترعرع في أحضان والديه يسهران عليه و يقومان برعايته و تربيته ، ثم تلقى علومه الابتدائية و الاعدادية في مدرسة القرية و أكمل دراسته في معهد خضورية الزراعية في مدينة طولكرم و قد كان الشيخ الشهيد رحمه الله يهئ نفسه و يعدها اعدادا ايمانيا فكان ملازما لتلاوة القرآن كما كان ملازما لمسجد القرية يعطي الدروس الدينية كذلك فان الشهيد تربى في حضن الدعوة الاسلامية و على أيدي بعض رجالاتها في مدينة جنين في الضفة الغربية و كأن الله عز و جل كان يعده لأمر جلل.
عمله و مواصلة دراسته الجامعية:
بعد أن حصل على شهادة خضورية الزراعية بدرجة امتياز تم تعيينه معلما في قرية أدر منطقة الكرك - جنوب الأردن - في مطلع الستينات ، ثم نقل بعد ذلك الى مدرسة برقين في الضفة الغربية ، و قد تابع دراسته الجامعية في جامعة دمشق ( كلية الشريعة ) و نال منها شهادة الليسانس في الشريعة بتقدير جيد جدا و كان هناك قد التقى مع بعض علماء الشام أمثال الدكتور محمد أديب الصالح و بأبي الفتح البيانوني ، كما تعرف على مروان حديد المشهور بعداوته للطواغيت و جهاده لهم ، ثم عاد الشيخ الشهيد الى عمله في مدرسة برقين ( زواجه ) و كان زواجه سنة 1965 م فقد اختار شريكة حياته ( أم محمد ) و هي من بيت محافظ على الدين تربت على يدي والدها الذي هاجر من قرية ( أم الشوف ) في شمال فلسطين بعد طردهم من قبل اليهود الى قرية ( سيلة الحارثية ) و قد سكنوا فترة وجيزة في بيت أهله ثم ارتحل والدها مع عائلته الى قرية ( دير الغصون ) في منطقة طولكرم و قد طلب الشيخ الشهيد من والده و والدته أن يجهزوا هدية ثم انطلقوا الى دير الغصون و تم بفضل الله عز وجل عقد القران ( الزواج ) بينهما و من هذا الزواج المبارك الذي تم بين الشيخ عبدالله عزام و شريكة حياته أنجبت خمسة ذكور : محمد نجله الأكبر الذي ذهب الى ربه شهيدا مع والده و عمره 20 سنة و حذيفة ، و ابراهيم الذي اختاره الله شهيدا مع والده و عمره 15 سنة و حمزة و مصعب و من الاناث أنجبت منه : فاطمة و وفاء و سمية.
جهاده في فلسطين:
عندما سقطت الضفة الغربية و قطاع غزة بيد اليهود عام 1967 م كان شيخنا لا يزال على أرض فلسطين و قد حاول مع مجموعة من الشباب من اهل القرية أن يقفوا في وجه الدبابات الاسرائيلية التي اجتاحت الضفة الغربية ، و لكن ماذا تفعل مجموعة من البنادق الانجليزية القديمة في وجه الدبابات الحديثة فكانت نصيحة ضابط المخفر آنذاك لهؤلاء الشباب أن يعودوا الى ديارهم حتى لا يسحقوا تحت جنازير الدبابات اليهودية و بالفعل عندما أطلق هؤلاء الشباب بعض الطلقات من رشاش كان مع واحد منهم و التي لم تؤثر على دهانها عاود الشباب و أخذوا بنصيحة الضابط ( عداوة الشهيد لليهود ) بعد الاحتلال اليهودي للضفة الغربية و القطاع بأسبوع خرج الشيخ ماشيا على الأقدام ومعه مجموعة من الشباب بينهم رجل كبير من أهالي القرية ، و بينما هم يتحركون باتجاه الشرق و في منتصف الطريق اصطدموا بدورية عسكرية اسرائيلية فاستوقفتهم و قام أحد الجنود بتفتيش الأخوة ، و كان الدور ينتظر الشيخ الشهيد فلما مد الجندي يده في جيب الشيخ أمسك بيد الجندي حتى لا يقع المصحف الصغير الذي كان يحمله بيد اليهودي لأن الكافر لا يجوز لنا أن نمكنه من المصحف ، فرجع الجندي اليهودي الى الوراء و سحب أقسام البندقية و أراد أن يقتل المجموعة و من ضمنهم شهيدنا فتشاهد الشيخ الشهيد و تقدم الرجل الكبير الذي يرافقهم يرجو الجندي أن يطلق سراحهم قائلا له : انهم أبنائي ، و تدخل أحد الضباط اليهود الذي دار بينه و بين الجندي محاورة أسفرت عن اطلاق سراحهم ثم تابع الشيخ الشهيد سيره باتجاه الأردن حتى وصل اليها و قد تعاقد مع التربية و التعليم في السعودية لمدة سنة ، رجع بعدها الى الأردن و كان العمل الفدائي قد ظهر على الساحة الأردنية.
تحريض الشهيد الشباب على قتال اليهود:
رجع الشيخ الشهيد من السعودية الى الأردن سنة 1968 م و كان رحمه الله يرى أن السيف أصدق أنباء من الكتب ، و أن الكلمة لا بد أن يرافقها السيف ، و أن الأمم لا تعترف بالضعفاء فالشطر الأول من عمره قضاه على أرض فلسطين دون أن تتاح له فرصة استعمال السلاح و هو يدب على أرضها نظرا لدخول قضية فلسطين الاسلامية الى المحافل الدولية و للجمود و الركود الذي واكبها بين سنة 1949 - 1967 م و لذلك عاودت فكرة التدريب و استعمال السلاح للوقوف في وجه اليهود تداعب أفكار الشيخ الشهيد ، و كيف يهدأ له بال آنذاك و هو يرى حثالة اليهود تسرح على أرض فلسطين و تدنس مقدسات المسلمين فحرض الشباب و استنهض هممهم للتدرب على استعمال السلاح لمقاتلة اليهود وقد اتخذ الشيخ الشهيد مع مجموعات من الشباب المسلم قاعدة لهم في شمالي الأردن كان الناس يطلقون عليها ( قواعد الشيوخ ) و كان الشهيد أميرا لقاعدة بيت المقدس للانطلاق منها الى فلسطين لمواجهة العصابات اليهودية على أرض فلسطين و قد صدق في شهيدنا و حبه للجهاد على أرض فلسطين قول الشاعر و هو يقول : فلسطين التي تهوى و فيها كانت السلوى و قد حاربت أعداها و كنت السيد الأقوى و عنكم أجمل الأخبار ما زالت بها تروى تودعكم بفيض الحب تشهد فيكم التقوى.
أهم المعارك التي شارك فيها:
و قد اشترك الشيخ في بعض العمليات على أرض فلسطين كان من أهمها: أولا : معركة المشروع أو الحزام الأخضر التي خاضها الشهيد مع اخوانه و التي يجرح فيها أبو مصعب السوري و قد حصلت هذه المعركة في منطقة الغور الشمالي ثانيا : معركة 5 حزيران 1970 م و قد اشترك فيها ستة من المجاهدين كام من بينهم أبو اسماعيل ( مهدي الأدلبي ) الحموي و ابراهيم ( بن بلة ) و بلال الفلسطيني في أرض مكشوفة تصدوا لدبابتين و كاسحة ألغام و كان موشيه دايان وزير الدفاع اليهودي قد أرسل مراسلا كنديا و آخر أمريكيا ليطوف بهم على الحدود و يريهم أن العمل الفدائي قد انتهى ، و اذا بجند الله يخرجون لهم كالجن المؤمن من باطن الأرض و انهالت القذائف و جرح الصحفيان ، و اعترف اليهود باثني عشر قتيلا من الجنود و الضباط و لكن قتلى الأعداء كانوا أكثر من هذا بكثير ، و قد استشهد ثلاثة من الأخوان في هذه المعركة لكن ما جرى في أيلول 1970 م حال دون مواصلة الشيخ الشهيد و اخوانه الجهاد على أرض فلسطين و أغلقت الحدود و لم يتمكن هؤلاء المجاهدين من مواصلة جهادهم على أرض فلسطين و الا لأذاقوا اليهود ويلات المعارك التي كانوا يصلون بها اليهود جهارا نهارا.
عودة الشهيد الى العلم و العمل:
كان الشهيد رحمه الله يجاهد بسلاحه و قلمه ، و قلما تجد له نظيرا في هذا العصر ، لذا فقد كان و هو في قواعد الشمال قد انتسب الى جامعة الأزهر ، و نال شهادة الماجستير في أصول الفقه سنة 1968م حيث عمل بعد ذلك محاضرا في كلية الشريعة في عمان 1970 - 1971 م ثم أوفد الى القاهرة لنيل شهادة الدكتوراه و قد حصل عليها في أصول الفقه بمرتبة الشرف الأولى 1973 م .
ثم عمل مدرسا في الجامعة الأردنية ( كلية الشريعة ) من سنة 1973 - 1980 م حيث تربى على يديه مئات الشباب المسلم العائد الى ربه و الذين كان يعدهم ليوم اللقاء مع العدو ليزيل الاحتلال عن رقاب أمة الاسلام في فلسطين ، و لكن الرياح لا تجري بما تشتهي السفن فصدر قرار الحاكم العسكري الأردني بفصله من الجامعة الأردنية عام 1980م .
خروج الشهيد من الأردن:
بدأ الشيخ يبحث عن مكان آخر للدعوة فغادر الى السعودية حيث عمل مع جامعة الملك عبد العزيز في جدة عام 1981م، و لكنه لم يطق البقاء هناك فطلب من مدير الجامعة العمل في الجامعة الاسلامية الدولية في اسلام آباد في الباكستان ليكون قريبا من الجهاد الأفغاني فانتدب للعمل فيها سنة 1981م
رجع الشيخ في نهاية عام 1983 الى جدة من أجل تجديد فترة الانتداب فوجد ادارة الجامعة قد أنزلت له برنامجا حتى يدرس فيها و رفضت الجامعة تجديد عقد الاعارة لحساب الجامعة الاسلامية في اسلام آباد فقدم الشهيد استقالته .
و تعاقد مع الرابطة 1984م و عاد مستشارا للتعليم في الجهاد الأفغاني و عندما اقترب من المجاهدين الأفغان وجد ضالته المنشودة و قال : هؤلاء الذين كنت أبحث عنهم منذ زمن بعيد ، و هناك في بيشاور بدأ العمل الجهادي حيث قام سنة 1984 م بتأسيس مكتب الخدمات الذي كان يوجه الأخوة العرب لخدمة الجهاد الأفغاني و كان لهذا المكتب نشاطات تعليمية و تربوية و عسكرية و صحية و اجتماعية و اعلامية كثيرة في كل أنحاء أفغانستان تقريبا.
لقد صبر الشهيد على الظلم ، و لكنه وقف كالطود الشامخ لا يحني هامته الا لله العزيز القهار ، و آثر الأفعال على الأقوال و آثر الجهاد على القعود ، آثر الجهاد على البريق الخادع و المناصب الكاذبة التي تجذب أصحابها الى الأرض و لهذا كانت كلماته النورانية تعبر أصدق تعبير عما كان يجول في خاطره ، حيث كان يقول :
( أيها المسلمون : حياتكم الجهاد ، و عزكم الجهاد ، و وجودكم مرتبط ارتباطا وثيقا بالجهاد ،أيها الدعاة : لا قيمة لكم تحت الشمس الا اذا امتشقتم أسلحتكم و أبدتم خضراء الطواغيت و الكفار و الظالمين . ان الذين يظنون أن دين الله يمكن أن ينتصر بدون جهاد و قتال و دماء و أشلاء هؤلاء واهمون لا يدركون طبيعة هذا الدين )
حسن اختيار الشيخ لطريقه:
و حين اختار شهيدنا درب الجهاد و البقاء في أرض الجهاد ، فقد اختار درب الشهادة ، و درب العزة و درب الكرامة ، و ليس غريبا على صاحبنا أبي محمد أن يسير في طريق الشهادة ، و لكن الغريب هو أن لا يسير على نفس الطريق ، و لذلك حين استشهد فقد نال ما حرص على نيله طيلة حياته ، فقد رسم لنفسه طريق الأوائل وسار على هذا الدرب ، و أبى الا الجهاد ، فقد ترك المناصب و الأموال ، و المتاع الدنيوي ، و وجد راحته ، فقد كان يشعر و هو يجاهد هناك على القمم الشامخة في أفغانستان بأنه يقضي أسعد لحظات عمره :
خيرت فاخترت المبيت على الطوى لم تبن جاها أو تلم ثراء
رسم شهيدنا لنفسه الطريق و أحسن الاختيار ، و قليل هم الذين يحسنون أختيار ميتتهم ، و كان شهيدنا من هذا القليل ، فطريق الشهادة حليته العلماء ، العلماء الذين اذا عملوا بعلمهم فلن تجدهم الا في ميادين القتال ، فميادين العلماء العاملين هي ميادين الجهاد ، هذا واقعهم الحقيقي فعناوينهم حيث الدماء تسيل ، و القذائف تتساقط كالغيث ، فاذا أردت أن ترسل برقية لأبي محمد و أمثاله من أهل العلم ، فلن تجد عنوانا لهم الا حيث الجهاد و القتال و عمل الخير.
و يقول مخاطبا أبناء الحركة الاسلامية و قادتها :
( الجهاد ضروري للحركة الاسلامية ، اذا استمرت في أخذ العلم دون التعامل معه فانه يؤدي الى قسوة القلوب و قلة التقوى و ضعف الايمان و تفقد الحركة مصداقيتها فالنار تأكل بعضها ام لم تجد ما تأكله ).
و يقول موصيا دعاة الاسلام:
( يا دعاة الاسلام : احرصوا على الموت توهب لكم الحياة ، و لا تغرنكم الأماني ، و لا يغرنكم بالله الغرور ، و اياكم أن تخدعوا أنفسكم بكتب تقرؤونها و بنوافل تزاولونها و لا يحملنكم الانشغال بالأمور المريحة عن الأمور العظيمة ).
و يقول مخاطبا المسلمين عامة:
( ان الجهاد هو الضمان الوحيد لحفظ الشعائر و بيوت العبادة ) " وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " أخلاق و مناقب الشهيد
كان الشهيد رحمه الله يتمتع بخصال و مناقب كثيرة و لكن الاقتصار على بعضها يدل على الكثير منها ، فقد كان رحمه الله منارة هداية للسائرين ، و قلعة جهاد يتحصن بها الشباب المسلم في سائر أنحاء المعمورة ، و لا بد من توضيح بعض سمات شخصيته التي كان يتمتع بها رحمه الله
أولا : الشجاعة و الحماسة: كانت هذه السمة هي الغالبة على شخصيته رحمه الله ، فقد طرق الدعاة أبواب الدعوة فوجدوه قلعة حصينة من قلاعها و عندما تحدث الناس عن الجهاد وجدوه علما بارزا من أعلامه، و لقد كان آخر مقالة كتبها الشهيد قبل استشهاده بعنوان " الأسود الجائعة " تحدث في مقدمة المقال عن الشجاعة و أن عمادها القلب ، و أن القلب اذا امتلأ بالايمان فانه يعود لا يخشى أحدا الا الله و لا يخاف من الموت بل يقبل على الموت في ساحات الوغى بشكل منقطع النظير
و لقد وجدنا هذه الصفات قد انطبقت على شهيد الأمة الاسلامية فشجاعته في المعركة ليس لها نظير ، فلم يكن يرضى الا أن يتقدم الخطوط الأمامية للعدو مع حرص المجاهدين عليه دائما و محاولتهم اقناعه أن لا يتقدم الى الأمام خوفا عليه ، و لقد شهدت له أرض أفغانستان في جاجي ( المأسدة ) و قندهار ، ففي قندهار اخترق الصفوف في منطقة سهلية حتى وصل الى بعد 1500 م من مواقع الشيوعيين
كان الناس يعتكفون العشر الأواخر من رمضان في المساجد أما الشهيد فقد اعتكف السنوات الماضية العشر الأواخر من رمضان في ساحة المعركة ( جلال آباد ) و كان على أبوابها يبعد عن العدو عدة كيلومترات و هو يبوأ للمؤمنين مقاعد القتال
و قد كان لشجاعة الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) الأثر الكبير في شخصية الشهيد ، يقول الصحابة رضوان الله عليهم : ( كنا اذا اشتد البأس و حمي الوطيس اتقينا برسول الله " صلى الله عليه و سلم " و انه ليكون أقربنا الى العدو )
كان الشهيد يعبر عن السعادة الغامرة التي تملأ قلبه و هو يحيا هذه الحياة الجهادية حيث يقول : ( ما أجملها من أيام تقضيها بين المجاهدين كل واحد ارتقى الى قمة الجبل مرابطا وراء سلاحه ..حتى اذا جنّ الليل لا تسمع منهم الا صوت التكبير يقطع صمت الظلام الساجي )
ثانيا : الزهد و البعد عن الترف : و حسبك في هذا أنه ترك الدنيا و طرحها على عاتقيه ، و أقبل على الجهاد و الاستشهاد حتى نال الشهادة
ويوم أن قاتل على أرض فلسطين بعد سنة 1967 م ترك الوظيفة و آثر أن تسكن زوجته و أولاده الثلاثة في غرفة واحدة تكاد أن تكون مظلمة بلا تهوية و لا مطابخ و لا حمامات ، و حسبك في زهده أنه ترك العمل في الجامعة الاسلامية ( اسلام آباد ) و تفرغ للجهاد عندما شعر أن هذه الوظيفة تعيقه و تعرقل سير جهاده.
ثم أنه غادر الحياة الدنيا تاركا الله و رسوله لعياله ، و كان بامكانه أن يكون صاحب الثراء و المال الوفير وقد خرج من الدنيا دون أن يأخذ منها شيئا ، و قدم الى ساحة الجهاد بنفسه و ماله و عياله و وظف كل ما يملك لصالح الجهاد ، و هو في هذا يسير على نهج رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) كما روى الامام أحمد بسند صحيح : ( أن رسول الله ما ترك دينارا و لا درهما و لا شاة و لا بعيرا ) المسند برقم 2724
لقد جاءه بعض محبيه و قد خاف عليه أن يقتل يومها ( يوم مؤامرة جنيف على الجهاد ) و عرض عليه منصبا بأن يصبح مديرا لجامعة اسلامية حتى يحميه من تلك المؤامرة ، و لكن الشهيد آثر أن يعيش كما عاش رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) ، روى الترمذي بسند حسن أن رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) قال : ( عرض عليّ ربي أن يجعل لي بطحاء مكة ذهبا ، فقلت : لا يا رب ، بل أجوع يوما و أشبع يوما ، اذا جعت تضرعت اليك و دعوتك و اذا شبعت شكرتك و حمدتك )
و لو أراد الشهيد الدنيا لنالها و قد أقبلت عليه طائعة بزينتها و لكنه كان يمقت الترف و آثر حياة الجهاد على التقلب في أطراف النعيم ، و لقد كان رحمه الله يعتبر الزهد من أعمدة الجهاد
رابعا : حلمه و صبره: وكيف لا يصبر و هو يعتبر الصبر أحد أعمدة الجهاد ، و الصبر من طبيعة الجهاد و لا يمكن أن يكون هناك جهاد دون صبر ، و قد شاء الله أن انكفأ قدر مرق ساخن بما فيه على يد ابنه الصغير مصعب و اذا بالبيت يرتبك فقال لهم الشهيد بهدوء : ( سبحان الله ان بيوت الأفغان لا تخلو من عدة مصائب فأحيانا تجد البيت فيه مأتما و قد شوه وجه ابنه أو قلعت عين ابنته و هذا قطعت يده أو رجله و هم مع ذلك صابرون محتسبون ) و اذا بالبيت فجأة يلفه الصمت و يرضون جميعا بقضاء الله .
و قد حاول الظلمة في الأرض محاصرته و لكنهم لم يستطيعوا أن يصلوا الى هذه القمة السامقة التي تعيش فوق ذروة سنام الاسلام فماذا فعلوا ؟ وجهوا سهامهم و حركوا أذنابهم ليتناوشه الأعداء من كل جانب و ليطلق المنافقون ألسنتهم بالسوء في محاولة لتشويه سمعته و لكنه صبر و احتسب ذلك عند علام الغيوب ، و كان لسان حاله يقول كما قال الشاعر :
و اما ممات يغيظ العدا
فاما حياة تسر الصديق
ورود المنايا و نيل المنى
و نفس الشريق لها غاياتان
و يوم أن كشر أهل النفاق عن أنيابهم و بدأت الأشرطة المسموعة و المنشورات تكتب ضده لتشويه سمعته ، قال له بعض الأخوة : ( لو أنك ترد على هؤلاء ؟ ) فقال رحمه الله : ( والله ما عندي وقت أن أقرأها فضلا عن أرد عليها ) لقد وكل أمره الى الله ، و كان لسان حاله يقول كما قال النبي ( صلى الله عليه و سلم ) عندما شجّ وجهه يوم أحد و انكسرت رباعيته ، فقال له أصحابه : ( لو دعوت عليهم ؟ ) فقال عليه السلام : ( اني لم أبعث لعانا و انما بعثت رحمة ) ثم قال : ( اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون ) رواه البخاري مختصرا / أنظر شرح الكرماني برقم 3237 كتاب بدء الخلق
و ما رؤي الشهيد في حياته منتصرا لنفسه و لكنه كان اذا انتهكت حرمات الله يغضب و يحمر وجهه ، و لقد تخلق في هذا بخلق الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) يقول بعض أصحابه و منهم علي بن الحسن : ( ما رأيت رسول الله " صلى الله عليه و سلم " منتصرا من مظلمة ظلمها قط ما لم تكن حرمة من محارم الله و ما ضرب بيده شيئا قط الا أن يجاهد في سبيل الله ) رواه مسلم أنظر شرح النووي 15/84 - 85 كتاب الفضائل
خامسا : التواضع: كان الشهيد رحمه الله على علو منصبه و شهرته و رفعة رتبته من أشد الناس في هذا العصر تواضعا و أبعدهم عن الكبر ، و كان الناس يقولون عنه : هذا الدكتور يختلف عن جميع الدكاترة الذين يحملون الشهادات ، و كان بعضهم يقول : انه رجل شعبي كان و هو في الجامعة يجلس مع طلابه و مريديه يعلمهم و ينهلون منه المعرفة و العلم و الخلق القويم ، و هم لا يشعرون بفارق بينهم و بينه ، و كان عندما يذهب الى الجبهات أو الى مخيمات التربية الاسلامية داخل أفغانستان يقول للأخوة : عاملوني أنا و أولادي كما تعاملوا أي واحد منكم .
و كان هذا منتهى التواضع منه و كيف لا وقد اختار حياة الجهاد و هي أصعب عبادة و أشقها على النفس و رفض أن يتقلد أعلى المناصب الرفيعة.
الإثنين أكتوبر 28, 2024 1:57 pm من طرف m.star
» حصريا المتصفح العملاق Opera 10.54 Build 3423 Final
الإثنين أكتوبر 28, 2024 1:57 pm من طرف m.star
» حصريا عملاق برامج المحادثة الغنى عن التعريف Skype 4.2.0.169 Final
الإثنين أكتوبر 28, 2024 1:57 pm من طرف m.star
» عملاق تشغيل الصوتيات Winamp 5.572 Build 2933
الإثنين أكتوبر 28, 2024 1:56 pm من طرف m.star
» قوانين منتدى نزال
الإثنين أكتوبر 28, 2024 1:55 pm من طرف m.star
» جديد حلقات علم القرآن للشيخ حسن مرعب
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:56 pm من طرف abu almajd
» قانون تعطيل التواقيع في الاقسام الاسلاميه
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:56 pm من طرف abu almajd
» قراءة الحائض للقرآن
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:55 pm من طرف abu almajd
» كيفية تسوية الصف
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:55 pm من طرف abu almajd
» الفحش والسب وبذاءة اللسان
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:55 pm من طرف abu almajd
» نبيل العوضي - بكل صراحه - الفضائيات العربيه 1/5
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:55 pm من طرف abu almajd
» قوانين قسم القران الكريم والسنه النبويه
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:55 pm من طرف abu almajd
» بلغوا عني ولو آية
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:54 pm من طرف abu almajd
» الشيخ محمد حسان مع دعاطف عبدالرشيد علي قناة الحافظ
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:54 pm من طرف abu almajd
» تفسير القران الكريم
الجمعة أكتوبر 25, 2024 5:54 pm من طرف abu almajd